اليوم التاسع من ذي الحج لسنة ١٤٤٢ هجري حيث تتجلى أنوار يوم عرفة. هو يوم عظيم من أيام الله. لن أفضي بمعلومات اسلامية، فأفضل مني يملأ الآفاق بالحديث عن فضل و سنن هذا اليوم الفضيل. ما حفزني على الكتابه هو جانب انساني يستحق أن أحلل بعض ما فيه. ابحر في أعماق النفس و أبرز ما فيها من جمال. أصور مشاهد و أدلو بدلوي فيها. نذكر جوانب عاطرة لعلها تبدد ما نرى من سلبيات هذا الزمان
قبل أن اسرد بعض المواقف التي لفتت انتباهي و جعلتني اتوج يومي بالحديث اليكم، انوه أنني اعيش بالكويت و أحمل جنسيتي المصرية. أول هذه المواقف هي عند صلاة الفجر. صليت سنة الفجر بالبيت و ذهبت للمسجد مع اقامة الصلاة. في الغالب المسجد يسع كل المصلين، لكن هذا اليوم امتلأ المسجد بالمصلين الذين يرجون بركات و ثواب هذا اليوم حيث كان على المتأخر الصلاة خارج المسجد. دخلت المسجد لشدة الحرارة بالخارج، و كنت على وشك الخروج كي أصلي بالخارج و لكني أجد من يبتسم في وجهي و يفسح لي كي أصلي بجواره و لسان حاله يقول أن بالحب يتسع المكان و أن المسجد أولى أن يوكد هذا المعنى
الموقف الثاني كان بداية النهار عندما ذهبت للسوبر ماركت لشراء بعض طلبات البيت. اخذت عربة التسوق و كانت حركتها مزعجة قليلا حيث أنها لا تسير في اتجاه مستقيم. كنت من وقت لآخر اعدل مسارها حتى ناداني أحد المواطنين. أرى شابا يعرض منحي عربته لأنه يحمل أشياء قليله، سيضعها بسلة صغيرة. رفضت طلبه رغبة مني ألا أثقل على أحد. تقابلت معه عند الكاشير و أخذ يلومني لعدم قبول طلبه و يمازحني بابتسام يجسد كل أخوة و يزكي جوهر الانسان
الموقف الثالث كان عند دخولي المسجد لاداء صلاة المغرب. اعتدت أن أبقى بالبيت حتي أسمع الاذان، و من ثم أفطر على تمرة ثم أذهب للصلاة. خارج المسجد أرى وجها ملائكيا آخر و طفلته يوزعا التمر على داخلي المسجد. حبات من التمر مغلفة تقدمها هذه الطفلة التي تشارك والدها في الوجه الباش، تمد يدها بتمرها وقد علمت بأن هذا هو طريق الخير. بالبدايه اشرت بيدي أني لا أريد. عندها تدخل والدها بألا اردها، فأخذت حبات التمر و عند تناولها أنسى الدعاء لنفسي و أدعو لهذا الرجل بالخير و البركة
هذا ما حدث بالضبط في هذا اليوم الجليل. أبطال كل هذه المواقف لا يحركهم إلا حب الخير راجيين رضا الرحمن. من هنا أجد النور الذي لابد أن يشع أرجاء النفس. صور إيجابية اردت أن أنشرها كي يزهق الشر و تختنق أنفس الباطل. إنه دستور السماء الذي يأمرنا بالحب و الخير و التسامح و التكافل المأمول. أري من بين ركام الاحباطات اليومية، هناك أحداث تفيض بكل معاني السمو و النبل الانساني، و جدير بالذكر أن هذا السمو يصل ذروته عندما يكون خالصا لوجه الله الكريم. الحياة أهون من أن تعكرها الصراعات و تشرذمها الاختلافات ، فكلنا من ادم و سنرجع للتراب. جئنا للدنيا و تحملنا أمانة الاعمار، لا الهدم. نعمق السلام في داخلنا و ننشره بيننا. هذا فإن أصبت فبتوفيق الله و إن أخطأت فمن نفسي و سلام لمن يحمل قلبه معاني السلام
خالد سليم