بعد جلسة على الشاطئ قضيتها مع اسرتي، توجهنا نحو السيارة للعودة للبيت، اسمع شخص يناديني و يطلب الحديث معي. إنه شاب تبدو عليه سمات الخلق الطيب، تزين وجهه ابتسامة و تحمل عيونه نظرات الود و الترحاب. توقفت أمام سيارتي كي استمع إليه و هو بداخل سيارته المجاورة لسيارتي و كأننا شئنا التجاور قبل التحاور و الالتقاء قبل الانتقاء. في ومضة شاطئية تحمل اطلالة بحر صباحية، أجد نفسي أمام انسان يجسد حديثه معان نحتاج الى ترسيخها و ابرازها و إعطائها حقها من الثناء. موقف استغرقت فيه أمسي. و ها أنا اليوم لم استطع منع نفسي من أن أكتب كي أنشر نورا و أن أعرض ما يزكي انسانيتنا و يعطينا أملا بأن هناك من يعطر بأنفاسه أجواء وطنه
إنه حسن بطل الومضة الشاطئية يمدح صنيع أولادي و يشكرني على حسن تربيتي. و أن ما رآه منهم يستحق مكافأتهم و اسعادهم. اندهشت من حديثه أنه يتحدث بالخير عن أولادي و سرعان ما أدركت أنه يتحدث عن حالهم منذ قليل. عندما طلب أولادي الذهاب للشاطئ فجر أمس و وصلنا شاطئنا، رأوا هناك ما يعكر صفو جلستهم. هناك بعض النفايات المبعثرة التي تركها من قضوا ليلتهم في نفس المكان. كل ما فعله اولادي هو جمع هذه النفايات لأنني دائما اذكرهم بأن نترك المكان أفضل مما كان. و أن ننتمي للأرض التي نعيش علها. كذلك هذه هي فلسفة الحياة التي يجب أن يتبناها كل من له قلب سليم. إن الله استخلفنا في هذه الأرض و رسم لنا طريق الصلاح و حذرنا من طرق الافساد، و لكي نسعد بحياتنا فلابد أن نعيش على أرض الله بشرع الله، و تمضي الأيام و السنون حتى نلقاه و نحن على العهد سالكين
ها هو من له نصيب من اسمه، “حسن” يطلب مني أن أقبل أن يكافئ أولادي فشكرته و كررت أنه لا داعي و يكفي ذوقه و مدحه. و لكنه أصر أن يدخل على أولادي السرور و يرسخ فيهم جميل صنعهم الذي رآه منذ قليل. بسبب طلبه المتكرر قبلت أن يأخذ طفلي هذا المبلغ. و لكن هذا الكريم اصر أن يكافئ كل أولادي ناهيك عن كلمات المدح و مشاعر السمو الإنساني
أذكر هذا الموقف لرجل من الكويت ليس بيننا غير هذه الومضة الشاطئية التي لم تستغرق إلا دقائق و لم أعرف عنه إلا اسمه و لن ألتقيه، فهو مواطن و أنا المصري المقيم و ليس بيننا إلا إنسانيتنا التي جمعتنا. هذا الرجل الشاب أزعم انه محب لوطنه، يحتفي بمن يحافظ على رونقه و جماله حيث لم يكتفي بكلمة شكر لأبنائي، بل كان كريم الجانب، بشوش المحيا نبيل الأخلاق
خالد سليم